مايكروسوفت تستخدم الطاقة النووية لتشغيل الذكاء الاصطناعي
هل تتخيل أن تعمل الحواسيب العملاقة التي تدير الذكاء الاصطناعي على الطاقة النووية؟ هذا ما تسعى إليه شركة مايكروسوفت، وفقًا لوصف وظيفي نشرته مؤخرًا. في هذه المقالة، سنستعرض خطة مايكروسوفت لإدماج المفاعلات النووية في مراكز بياناتها، والتحديات والفرص التي تواجهها في هذا المجال.
مفاعلات نووية صغيرة لتشغيل مايكروسوفت كلاود
من المعروف أن شركة مايكروسوفت تستثمر بشكل كبير في مجال الذكاء الاصطناعي، وتستخدمه في منتجاتها وخدماتها المختلفة. ولكن لتشغيل هذه التقنية، تحتاج إلى قوة حاسوبية هائلة، وبالتالي إلى طاقة كهربائية كبيرة. ولذلك، تبحث مايكروسوفت عن حلول بديلة لتوليد الطاقة بشكل أكثر كفاءة وأقل تأثيرًا على البيئة.
وفي هذا السياق، نشرت مايكروسوفت يوم الخميس الماضي وصفًا لوظيفة خبير في التقنية النووية، يقود خطة الشركة للتقييم الفني لإدماج المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة (SMRs) والمفاعلات المصغرة (MMRs) «لتشغيل مراكز البيانات التي تحوي (مايكروسوفت كلاود)، والذكاء الاصطناعي».
المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة هي مفاعلات نووية تولد طاقة أقل من 300 ميجاوات، وتستخدم التبريد بالماء أو غيره من المائعات. اما المفاعلات المصغرة هي مفاعلات نووية تولد طاقة أقل من 10 ميجاوات، وتستخدم التبريد بالغاز أو الهواء. وتتميز هذه المفاعلات بأنها أكثر أمانًا ومرونة وقابلية للنقل، ويمكن تركيبها في أماكن بعيدة أو نائية.
وتعتبر مايكروسوفت أن هذه المفاعلات النووية الصغيرة قد تكون حلاً مثاليًا لتشغيل مراكز بياناتها، التي تحتاج إلى كميات كبيرة من الطاقة المستمرة والمستقرة، دون الاعتماد على شبكات الكهرباء الخارجية أو مصادر الطاقة المتجددة غير المنتظمة. كما تعتبر مايكروسوفت أن هذه المفاعلات النووية قد تساهم في خفض انبعاثات الكربون، والوفاء بالتزاماتها بالحياد الكربوني.
شراكات مايكروسوفت في مجال الطاقة النووية
ليست هذه هي المرة الأولى التي تظهر فيها مايكروسوفت اهتمامًا بالطاقة النووية. فقد كان لديها علاقات وشراكات مع عدة شركات ومؤسسات تعمل في هذا المجال.
أحد هذه الشراكات هو استثمار مايكروسوفت في شركة (أوبن أي آي) OpenAI، وهي شركة غير ربحية تهدف إلى إنشاء ونشر الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، وهو نوع من الذكاء الاصطناعي يمكنه فهم وأداء أي مهمة يستطيع الإنسان فعلها. وقد أعلنت مايكروسوفت في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي استثمارًا متعدد السنوات بمليارات الدولارات في (أوبن أي آي)، لإتاحة استخدام منصة (أزور) Azure للحوسبة السحابية لشركة (أوبن أي آي)، والحصول على حصرية للاستفادة من تقنية (أوبن أي آي) في منتجاتها وخدماتها.
ولعل أشهر منتج لشركة (أوبن أي آي) هو روبوت (شات جي بي تي) ChatGPT، وهو نظام للحوار بالذكاء الاصطناعي يستخدم نموذجًا عصبياً عملاقاً
مايكروسوفت تدعم الابتكار في مجال الاندماج النووي
إلى جانب الاهتمام بالانشطار النووي، فإن مايكروسوفت تدعم أيضًا الابتكار في مجال الاندماج النووي، وهو عملية تحدث في الشمس وتولد طاقة هائلة من دمج نواتين ذريتين صغيرتين. وتعتبر هذه التقنية أحد أهم الأهداف للعلماء والمهندسين، لأنها قد توفر مصدرًا للطاقة النظيفة والآمنة والغير محدودة تقريبًا.
وفي شهر أيار/ مايو، أعلنت مايكروسوفت أنها وقعت اتفاقية لشراء الطاقة مع (هيليون) Helion، وهي شركة ناشئة تعمل في مجال الاندماج النووي، وذلك لشراء الكهرباء منها في عام 2028. وتقول (هيليون) إنها تستخدم نظامًا فريدًا من نوعه يستخدم المغنطة لضغط وتسخين غاز من الهيليوم-3 والديوتيريوم، وإحداث رد فعل اندماج يولد طاقة كهربائية.
وقال (كورت كولز)، المدير التنفيذي لشركة (هيليون)، إن شركته تسعى إلى بناء مفاعلات اندماج نووية صغيرة يمكن نقلها بسهولة، وأن اتفاقية مايكروسوفت ستساعده في تحقيق هذا الهدف. وأضاف أن شركة (أوبن أي آي) هي أحد المستثمرين في شركته، وأن (سام ألتمان)، المدير التنفيذي لشركة (أوبن أي آي)، هو أحد المؤسسين المشاركين في (هيليون).
بالإضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في منتجاتها وخدماتها، فإن مايكروسوفت تبحث عن طرق جديدة لتشغيل هذه التقنية بطرق أكثر كفاءة وأقل تأثيرًا على البيئة. ولذلك، تستثمر مايكروسوفت في مجال الطاقة النووية، سواء كان ذلك عبر الانشطار أو الاندماج. وتعتبر مايكروسوفت أن هذه المصادر الطاقية قد تحقق لها حلولًا مستدامة لتشغيل مراكز بياناتها، والحصول على قوة حاسوبية هائلة لإطلاق قدرات الذكاء الاصطناعي.